الشرك
مالمشكلة في أن نكون مشركين؟
لن أتكلم عن عبادة الأصنام فهذا نوع غير منتشر لدينا ولله الحمد. ولكن أتكلم عن جعل لله شركاء من البشر!
اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ
نقل عن عدي بن حاتم الطائي أنه قال أتيتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وفي عُنقي صليبٌ من ذهبٍ فقال يا عديُّ اطرَح هذا الوثنَ وسمعتُه يقرأ في سورة براءةَ { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ } فقلتُ إنا لسنا نعبدُهم قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلُّوا لهم شيئًا استحلُّوهُ وإذا حرَّموا عليهم شيئًا حرَّموهُ فتلك عبادتُهم
مالمشكلة في هذا النوع من الشرك؟
لا نحتاج إلى أن نتخيل لنعرف مصيبة اتخاذ علماء الدين - أو ما يسموا لدى الآخرين الأحبار والرهبان - أرباباً من دون الله لأن الواقع يظهر مصيبة ذلك.
سأطرح أمثلة قريبة منا لكي نشعر بالفعل بمستوى الظلم الذي نرتكبه على أنفسنا عندما نشرك مع الله بشراً.
في القريب الماضي في الدولة العثمانية حُرمت الطباعة وركز على مصطلح “التحريم” فهو ليس منع لمنتج صنع في دولة أخرى بل هو رسالة بأن هذا الإختراع محرم من الله عز وجل وهو شر مستطير. لاشك أن إتاحة هذا الأمر للعلماء في ذلك الوقت بأن يتكلموا باسم الله عز وجل جعل المسلمين يتخلفون عن باقي الأمم لسنوات طويلة لصعوبة تناقل العلوم الذي كان أسهلاً لدى غيرهم عن طريق الطباعة.
وكمثال قريب جداً، في احدى الدول - التي تمكن فيها تيار متخلف لفترة من الزمن - كان الناس مؤمنين فيها أن تعلم المرأة حرام كون “أحبارهم و رهبانهم” كانوا يقولون لهم “أن الله حرم هذا”. وتأخر تعليم المرأة فيها لفترة ولم يدخل إلا بشق الأنفس.
كما أيضاً في دولة أخرى كانت هي آخر دولة في العالم تقريباً تسمح للمرأة أن تقود سيارة لأن الكثير من الناس لم يكن لديهم شك أن كلام “العلماء” حتى ولو بدون دليل لا يأتي من فراغ وأن أهميته تضاهي أهمية كلام الله عز وجل المنزل على رسوله و المكتوب في المصحف.
أولئك “العلماء” كانوا - ومايزال بعضهم - يحرمون التصوير، فهل يا ترى كان من المنطق أن يُسمح لـ مراكز أبحاث مهتمه بتقنيات التصوير أن تفتح وتُدعم؟ هل كان من المنطق السماح لـ جهات تعليمية أن تُعلم التصوير؟
أولئك - الذين اتخذهم البعض أرباباً - كانوا في يوم الأيام يحرمون وسائل الإتصال و يحرمون التلفاز والرسيفر و كان الكثير من الناس مؤمنون بهم وبكلامهم وليس لديهم أدنى شك أن “الله حرم هذا”. وجود التلفاز كان أمراً مشنعاً في تلك السنوات فلك أن تتخيل ماذا لو فكرت شركة أن تعمل على تطوير هذه التقنية وتقنيات أخرى مشابهة.
لن أستمر في طرح الأمثلة ولكن ما أريد إيصاله أن من أحد مصائب السماح لأشخاص مهما كثر علمهم أن يأخذوا سلطة الله عز وجل ويتاح لهم أن يحرموا و يحللوا كما يشاؤون و يمنع انتقادهم بحجة أن لحومهم مسمومة سيؤدي دائماً لأن نكون في آخر الركب ولن نكون أبداً صانعين ومقدمين للابتكارات لغيرنا من الأمم.
عندما تخلى الغرب منذ زمن عن سلطة الكنيسة - التي كانوا يقدسونها بطريقة جعلت من القسيسين أرباباً من دون الله - خرجوا من العصور المظلمة وبدأوا في صناعة عالم أفضل
مازلنا كمسلمين للأسف نصارع من أجل أن نكون أمة تعبد الله عز وجل وحده لا شريك له. فهنالك منا للأسف من مستعد أن يقتل من أجل أن يستمر الولي الفقيه أو المرشد الإخواني أو القائد الداعشي أو غيرهم سواء كانوا أشخاصاً أو منظمات وهيئات أرباباً لها القدرة أن تتحكم بحاضر ومستقبل أمتنا.
واذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم
لاَّ تَجْعَل مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً